شهدت أسواق النفط العالمية اليوم، السبت 27 سبتمبر 2025، تراجعاً ملحوظاً في أسعار الخام، وذلك في ظل تزايد التوقعات بارتفاع المعروض خلال الأشهر المقبلة، مقابل استمرار المخاوف المرتبطة بالتباطؤ الاقتصادي العالمي.
ويأتي هذا التراجع بعد سلسلة من الارتفاعات المتقطعة التي سجلتها الأسعار خلال الأسابيع الماضية نتيجة تقلبات الإمدادات والطلب.
تراجع الأسعار في الأسواق العالمية
انخفضت العقود الآجلة لخام برنت، المؤشر العالمي لأسعار النفط، بنسبة تقارب 1.2% لتستقر عند حدود 82 دولاراً للبرميل، بينما تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بنسبة 1.5% لتصل إلى نحو 78 دولاراً للبرميل.
ويرى محللون أن هذا التراجع يعكس مزيجاً من الضغوط المزدوجة، فمن جهة هناك زيادة متوقعة في الإمدادات مع اقتراب بعض الدول المنتجة من تعزيز إنتاجها، ومن جهة أخرى لا تزال الأسواق قلقة بشأن ضعف الطلب العالمي بفعل تباطؤ النمو الاقتصادي في عدد من الاقتصادات الكبرى.
زيادة المعروض تضغط على السوق
تشير تقارير حديثة إلى أن بعض الدول الأعضاء في منظمة أوبك+ بدأت بالفعل بزيادة إنتاجها تدريجياً استجابة لارتفاع الأسعار في الأشهر الماضية.
كما أن هناك توقعات بزيادة الإمدادات من الولايات المتحدة، التي واصلت تعزيز إنتاج النفط الصخري مستفيدة من التطورات التكنولوجية وانخفاض تكاليف الاستخراج.
ويعتقد خبراء الطاقة أن ارتفاع مستويات المعروض قد يدفع الأسعار لمزيد من التراجع في حال لم يقابله تحسن ملموس في الطلب، خاصة مع تراكم المخزونات النفطية لدى بعض الدول الصناعية.
مخاوف التباطؤ الاقتصادي العالمي
على الجانب الآخر، لا تزال المخاوف المتعلقة بالتباطؤ الاقتصادي العالمي تضيف ضغوطاً إضافية على أسواق النفط.
فقد أظهرت مؤشرات اقتصادية في الولايات المتحدة والصين ومنطقة اليورو تباطؤاً في معدلات النمو الصناعي، ما يثير القلق حول إمكانية تراجع الطلب على الطاقة خلال الربع الأخير من العام.
ويرى محللون اقتصاديون أن استمرار التوترات التجارية بين بعض الاقتصادات الكبرى، إضافة إلى ارتفاع أسعار الفائدة في العديد من الدول لمواجهة التضخم، قد يفاقم من تباطؤ النشاط الاقتصادي العالمي ويقلل من وتيرة استهلاك الطاقة.
انعكاسات على المستهلكين والاقتصادات
تراجع أسعار النفط يحمل جانبين مختلفين من التأثيرات. فمن ناحية، قد يؤدي انخفاض الأسعار إلى تخفيف الأعباء على المستهلكين في ما يتعلق بتكاليف الوقود والنقل، وهو ما ينعكس إيجاباً على بعض الاقتصادات المستوردة للنفط.
ومن ناحية أخرى، فإن الدول المصدرة قد تواجه انخفاضاً في إيراداتها النفطية، مما يفرض ضغوطاً على ميزانياتها العامة ويؤثر على خططها الاستثمارية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تقلبات أسعار النفط تشكل تحدياً للشركات العالمية، لا سيما تلك العاملة في قطاعي الطيران والشحن، حيث تمثل أسعار الوقود عاملاً رئيسياً في تحديد تكاليف التشغيل.
توقعات مستقبلية
يرى خبراء الطاقة أن الاتجاه المستقبلي لأسعار النفط سيعتمد بشكل رئيسي على التوازن بين مستويات المعروض والطلب.
فإذا استمرت زيادة الإنتاج في مقابل ضعف الطلب، فمن المرجح أن نشهد استمرار الضغوط الهبوطية على الأسعار. أما في حال حدوث تحسن اقتصادي عالمي أو اتخاذ “أوبك+” إجراءات جديدة لضبط الإنتاج، فقد تعود الأسعار إلى مستويات أعلى.
ويشير بعض المحللين إلى أن نطاق تداول أسعار النفط خلال الأشهر الثلاثة المقبلة قد يتراوح بين 75 إلى 85 دولاراً للبرميل، مع احتمالية حدوث تقلبات كبيرة مرتبطة بالتطورات الجيوسياسية والاقتصادية.
تراجع أسعار النفط اليوم يعكس هشاشة التوازن في سوق الطاقة العالمية، حيث تتشابك العوامل الاقتصادية والجيوسياسية في تحديد مسار الأسعار.
وبينما يترقب المستثمرون بيانات اقتصادية جديدة من الصين والولايات المتحدة خلال الأسابيع المقبلة، يبقى مستقبل أسعار النفط رهناً بمدى قدرة الأسواق على امتصاص الزيادة في المعروض والتكيف مع تباطؤ النمو العالمي.