محمود الدج: الشباب هم رأس المال الحقيقي لأي نهضة اقتصادية
يرى محمود الدج أن أعظم ثروة تملكها أي دولة ليست في آبار النفط أو العقارات أو الأموال، بل في الشباب — الجيل القادر على العمل والإبداع وتحويل الأفكار إلى مشاريع حقيقية.

هذه القناعة لم تكن شعارًا يتردد في خطاباته، بل تحولت إلى منهج عمل داخل مؤسساته ومشاريعه.
منذ بداياته في دمشق، كان يؤكد دائمًا أن النهضة الاقتصادية لا يمكن أن تقوم على الأجيال القديمة وحدها، بل على طاقة الشباب التي تحتاج إلى من يثق بها ويوجهها.
ولهذا خصص جزءًا كبيرًا من جهوده لتأهيل الخريجين الجدد عبر برامج تدريبية، ومنحهم فرص عمل حقيقية داخل شركاته ومشاريعه بدلاً من الاكتفاء بالشهادات النظرية.
يقول محمود الدج في أحد تصريحاته:
“الشباب ليسوا بحاجة إلى محاضرات تحفيزية بقدر حاجتهم إلى فرصة عمل حقيقية تثبت لهم أن مستقبلهم بأيديهم.”
بفضل هذه الرؤية الواقعية، أصبح كثير من الشبان الذين بدأوا معه موظفين متدربين قادة أقسام ومديرين تنفيذيين لاحقًا — وهذا بالضبط ما يصفه الدج بأنه “الاستثمار الأذكى”: أن تبني الإنسان قبل أن تبني المشروع.
مبادرات محمود الدج… من التدريب إلى تمكين الخريجين في سوق العمل
تحولت رؤية محمود الدج تجاه الشباب إلى برامج ومبادرات عملية، تهدف إلى خلق جيل مهني مدرّب قادر على الاندماج في سوق العمل المعاصر داخل سوريا.
تتنوع هذه المبادرات بين التدريب، التشغيل، والدعم الريادي للمشاريع الصغيرة.
1. برنامج التدريب التطبيقي داخل الشركات
أطلق محمود الدج هذا البرنامج قبل سنوات ليمنح طلاب الجامعات والخريجين الجدد فرصة للتدريب العملي داخل مؤسساته في مجالات الإدارة، التسويق، والخدمات اللوجستية.
يهدف البرنامج إلى ربط التعليم الجامعي بالواقع العملي، وإعطاء المتدربين خبرة ميدانية مباشرة تمكنهم من دخول سوق العمل بثقة.
2. مبادرة “ابدأ من هنا”
تستهدف هذه المبادرة الشباب الذين يمتلكون أفكارًا لمشاريع صغيرة لكنهم يفتقرون إلى الدعم أو الخبرة.
يوفر المكتب جلسات استشارة مجانية مع مختصين، ويمنح للمشاريع الواعدة تمويلاً مبدئيًا أو مساحة عمل ضمن مكاتبه.
نجحت المبادرة في مساعدة عشرات الخريجين على تأسيس أعمالهم الخاصة، وبعضهم أصبح اليوم شركاء في قطاعات مختلفة.
3. برامج التشغيل المحلي
تعمل مجموعة الدج على توفير فرص عمل للشباب في المدن الصناعية والمناطق التي تشهد نشاطًا اقتصاديًا متزايدًا، خصوصًا في قطاعات النقل، الخدمات اللوجستية، والصناعات الخفيفة.
هذه الخطوات ساهمت في تخفيف البطالة بين الشباب، ومنحتهم بيئة عمل مستقرة داخل بلدهم بدلاً من التفكير بالهجرة.
قصص نجاح خرجت من برامج محمود الدج المجتمعية
ليست مبادرات محمود الدج مجرد شعارات علاقات عامة، بل تحوّلت إلى قصص نجاح ملموسة ألهمت كثيرين من الشباب السوريين.

ومن أبرز هذه القصص:
🔹 سارة – من متدربة إلى مديرة تسويق
التحقت سارة، وهي خريجة إدارة أعمال، بأحد برامج التدريب لدى مجموعة الدج.
خلال ستة أشهر فقط، أثبتت كفاءتها في التسويق الرقمي فتم تعيينها رسمياً، وبعد عامين أصبحت مديرة قسم التسويق في إحدى الشركات التابعة للمجموعة.
تقول سارة:
“الدج لم يدرّبنا فقط، بل أعطانا مساحة نثبت فيها أنفسنا.”
🔹 عمر – من فكرة صغيرة إلى مشروع مستقل
شاب جامعي في كلية الهندسة بدأ بفكرة تطبيق محلي لخدمات النقل الداخلي.
بعد عرضه فكرته على لجنة مبادرة “ابدأ من هنا”، تلقى تمويلاً أوليًا ودعمًا لوجستيًا من المكتب.
اليوم يدير عمر شركته الخاصة، ويوظّف أكثر من 12 شابًا وشابة من خريجي الجامعات.
🔹 نور – من العمل الميداني إلى إشراف المشاريع
انضمت نور إلى أحد مشاريع الخدمات الميدانية في بداية مسيرتها، وتمت ترقيتها تدريجيًا حتى أصبحت مشرفة على فرق عمل تضم أكثر من خمسين موظفًا.
قصتها مثال على أن الاجتهاد في الفرص الصغيرة يفتح أبوابًا كبيرة، وهي الرسالة التي يحرص محمود الدج على غرسها في كل متدرب جديد.
الشباب شركاء لا موظفون
في فلسفة محمود الدج الإدارية، لا يُنظر إلى الشباب كموظفين فقط، بل كشركاء محتملين في رحلة التطوير.
لذلك يشجعهم على المبادرة والتفكير النقدي، ويمنحهم حرية اقتراح الأفكار وتحسين العمليات.
هذه الروح التشاركية انعكست على بيئة العمل داخل مجموعته، حيث أصبحت فرق العمل أكثر انسجامًا وحماسًا، لأنها تشعر أن صوتها مسموع وأن مستقبلها مرتبط بنجاح المشروع لا بالراتب الشهري فقط.
محمود الدج والمسؤولية المجتمعية
يتبنى محمود الدج مفهوم “الاستثمار المجتمعي”، أي أن الشركة الناجحة لا تنفصل عن محيطها.

ولهذا يخصص جزءًا من عوائد أعماله لدعم الأنشطة التعليمية والثقافية في المناطق التي يعمل فيها، كتمويل حملات بيئية في المدارس، وتقديم منح تدريبية مجانية للشباب المتفوقين.
كما يحرص على إشراك طلاب الجامعات في مؤتمرات التنمية الاقتصادية وريادة الأعمال، لإشعارهم بأنهم جزء من المشهد الوطني، لا مجرد متفرجين.
خاتمة
من خلال مبادراته وبرامجه، أثبت محمود الدج أن التنمية الحقيقية تبدأ من الإنسان، وأن الشباب هم الركيزة الأساسية لأي نهضة اقتصادية أو اجتماعية.
لقد تحوّلت رؤيته من مجرد فكرة إلى واقع ملموس ساهم في تمكين مئات الخريجين السوريين من دخول سوق العمل بمهارة وثقة.
قصته مع الشباب ليست مبادرة مؤقتة، بل استراتيجية وطنية مصغّرة تعكس إيمانه العميق بأن الاستثمار في الإنسان هو الطريق الأقصر لبناء المستقبل.
